الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وروى جابر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال «أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام» أخرجه أبو داود وأما صفة العرش فقيل إنه جوهرة خضراء وهو من أعظم المخلوقات خلقًا وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أنه قال: إن ما بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية كخفقان الطير المسرع ثلاثين ألف عام ويكسى العرش كل يوم ألف لون من النور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله تعالى والأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة وقال مجاهد بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب حجاب نور وحجاب ظلمة وحجاب نور وحجاب ظلمة وقيل إن العرش قبلة لأهل السماء كما أن الكعبة قبلة لأهل الأرض قوله: {ومن حوله} يعني الطائفين به وهم الكروبيون وهم سادات الملائكة، قال وهب بن منبه: إن حول العرش سبعين ألف صف من الملائكة صف خلف صف يطوفون بالعرش يقبل هؤلاء ويدبر هؤلاء فإذا استقبل بعضهم بعضًا هلل هؤلاء وكبر هؤلاء ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام أيديهم على أعناقهم قد وضعوها على عواتقهم فإذا سمعوا تكبير أولئك وتهليلهم رفعوا أصواتهم فقالوا سبحانك وبحمدك ما أعظمك وأجلك أنت الله لا إله غيرك أنت الأكبر والخلق كلهم إليك راجعون ومن وراء هؤلاء وهؤلاء مائة ألف صف من الملائكة قد وضعوا اليمنى على اليسرى ليس منهم أحد إلا يسبح بتحميد لا يسبحه الآخر ما بين جناحي أحدهم مسيرة ثلاثمائة عام وما بين شحمة أذنه إلى عاتقه أربعمائة عام واحتجب الله من الملائكة الذين حول العرش بسبعين حجابًا من نار وسبعين حجابًا من ظلمة وسبعين حجابًا من نور وسبعين حجابًا من در أبيض وسبعين حجابًا من ياقوت أحمر وسبعين حجابًا من زبرجد أخضر وسبعين حجابًا من ثلج وسبعين حجابًا من ماء وسبعين حجابًا من برد وما لا يعلمه إلا الله.قوله تعالى: {يسبحون بحمد ربهم} أي ينزهون الله تعالى عما لا يليق بجلاله والتحميد هو الاعتراف بأنه هو المنعم على الإطلاق {ويؤمنون به} أي يصدقون بأنه واحد لا شريك له ولا مثل له ولا نظير له.{ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم} قيل إذا دخل المؤمن الجنة قال: أين أبي وأين أمي وأين ولدي وأين زوجتي، فيقال: إنهم لم يعملوا عملك، فيقول: إني كنت أعمل لي ولهم فيقال أدخلوهم الجنة فإذا اجتمع بأهله في الجنة كان أكمل لسروره ولذته {وقهم السيئات} أي عقوبات السيئآت بأن تصونهم من الأعمال الفاسدة التي توجب العقاب {ومن تق السيئات يومئذ} يعني من تقه في الدنيا {فقد رحمته} يعني في القيامة {وذلك هو الفوز العظيم} يعني النعيم الذي لا ينقطع في جوار مليك لا تصل العقول إلى كنه عظمته وجلاله قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينادون} يعني يوم القيامة وهم في النار وقد مقتوا أنفسهم حين عرضت عليهم سيئاتهم وعاينوا العذاب فيقال لهم {لمقت الله} يعني إياكم في الدنيا {أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون} أي اليوم عند حلول العذاب بكم.{قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال ابن عباس: كانوا أمواتًا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله تعالى في الدنيا ثم أماتهم الموتة التي لابد منها ثم أحياهم للبعث يوم القيامة فهذه موتتان وحياتان وقيل أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في القبر للسؤال ثم أميتوا في قبورهم ثم أحيوا للبعث في الآخرة وذلك أنهم عدوا أوقات البلاء والمحنة وهي أربعة الموتة الأولى ثم الحياة في القبر ثم الموتة الثانية فيه ثم الحياة للبعث فأما الحياة الأولى التي هي من الدنيا فلم يعدوها لأنها ليست من أقسام البلاء وقيل ذكر حياتين وهي حياة الدنيا وحياة القيامة وموتتين وهي الموتة الأولى في الدنيا ثم الموتة الثانية في القبر بعد حياة السؤال ولم يعدوا حياة السؤال لقصر مدتها {فاعترفنا بذنوبنا} يعني إنكارهم البعث بعد الموت فلما شاهدوا البعث اعترفوا بذنوبهم ثم سألوا الرجعة بقولهم {فهل إلى خروج} يعني من النار {من سبيل} والمعنى فهلاّ إلى رجوع إلى الدنيا من سبيل لنصلح أعمالنا ونعمل بطاعتك وهذا كلام من غلب عليه اليأس والقنوط من الخروج وإنما قالوا ذلك تعللًا وتحيرًا والمعنى فلا خروج ولا سبيل إليه ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك وهو قوله تعالى: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم} معناه فأجيبوا أن لا سبيل إلى الخروج وهذا العذاب والخلود في النار بأنكم إذا دعى الله وحده كفرتم يعني إذا قيل لا إله إلا الله أنكرتم ذلك {وإن يشرك به} أي غيره {تؤمنوا} أي تصدقوا ذلك الشرك {فالحكم لله العلي} أي الذي لا أعلى منه {الكبير} أي الذي لا أكبر منه.قوله: {هو الذي يريكم آياته} أي عجائب مصنوعاته التي تدل على كمال قدرته {وينزل لكم من السماء رزقًا} يعني المطر الذي هو سبب الأرزاق {وما يتذكر} أي يتعظ بهذه الآيات {إلا من ينيب} أي يرجع إلى الله تعالى في جميع أموره {فادعوا الله مخلصين له الدين} أي الطاعة والعبادة {ولو كره الكافرون}.قوله تعالى: {رفيع الدرجات} أي رافع درجات الأنبياء والأولياء والعلماء في الجنة وقيل معناه المرتفع أي إنه سبحانه وتعالى هو المرتفع بعظمته في صفات جلاله وكماله ووحدانيته المستغني عن كل ما سواه وكل الخلق فقراء إليه {ذو العرش} أي خالقه ومالكه، والفائدة في تخصيص العرش بالذكر لأنه أعظم الأجسام والمقصود بيان كمال التنبيه على كمال القدرة فكل ما كان أعظم كانت دلالته على كمال القدرة أقوى {يلقي الروح} يعني ينزل الوحي سماه روحًا لأن به تحيا الأرواح كما تحيا الأبدان بالأرواح {من أمره} قال ابن عباس: من قضائه وقيل بأمره وقيل من قوله: {على من يشاء من عباده} يعني الأنبياء {لينذر يوم التلاق} يعني لينذر النبي صلّى اللّه عليه وسلم بالوحي يوم التلاق وهو يوم القيامة لأنه يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، وقيل يلتقي الخلق والخالق وقيل يلتقي العابدون والمعبودون وقيل يلتقي المرء مع عمله وقيل يلتقي الظالم والمظلوم {يوم هم بارزون} أي خارجون من قبورهم ظاهرون لا يسترهم شيء {لا يخفى على الله منهم شيء} أي من أعمالهم وأحوالهم، فإن قلت إن الله تعالى لا يخفى عليه شيء في سائر الأيام فما وجه تخصيص ذلك اليوم، قلت كانوا يتوهمون في الدنيا إذا استتروا بالحيطان والحجب أن الله تعالى لا يراهم وتخفى عليه أعمالهم وهم في ذلك اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حال لا يتوهمون فيها مثل ما كانوا يتوهمونه في الدنيا {لمن الملك اليوم} أي يقول الله في ذلك اليوم بعد فناء الخلق لمن الملك فلا أحد يجيبه فيجيب نفسه تعالى فيقول {لله الواحد القهار} أي الذي قهر الخلق بالموت وقيل إذا حضر الأولون والآخرون في يوم القيامة نادى مناد لمن الملك فيجيبه جميع الخلائق في يوم القيامة {لله الواحد القهار} فالمؤمنون يقولونه تلذذًا حيث كانوا يقولونه في الدنيا ونالوا به المنزلة الرفيعة في العقبى والكفار يقولونه على سبيل الذل والصغار والندامة حيث لم يقولوه في الدنيا {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} يعني يجزى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته {لا ظلم اليوم} أي إن الخلق آمنون في ذلك اليوم من الظلم لأن الله تعالى ليس بظلام للعبيد {إن الله سريع الحساب} أي إنه تعالى لا يشغله حساب عن حساب بل يحاسب الخلق كلهم في وقت واحد.{والله يقضي بالحق} أي يحكم بالعدل {والذين يدعون من دونه} يعني الأصنام {لا يقضون بشيء} لأنها لا تعلم شيئًا ولا تقدر على شيء {إن الله هو السميع} أي لأقوال الخلق {البصير} بأفعالهم. اهـ.
.قال ابن جزي: {تَنزِيلُ الكتاب} ذكر في الزمر.{ذِي الطول} أي ذي الفضل والإنعام، وقيل: الطول: الغنى والسعة.{فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي البلاد} جعل لا يغررك بمعنى لا يحزنك ففيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، ووعيد للكفار.{والأحزاب} يراد بهم عاد وثمود وغيرهم {لِيَأْخُذُوهُ} أي ليقتلوه {لِيُدْحِضُواْ} أي ليبطلوا به الحق.{حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} أي وجب قضاؤه.{وَمَنْ حَوْلَهُ} عطف على {الذين يَحْمِلُونَ} {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} إن قيل: ما فائدة قوله: {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} ومعلوم أن حملة العرش ومن حوله يؤمنون بالله؟ فالجواب أن ذلك إظهار لفضيلة الإيمان وشرفه، قال ذلك الزمخشري، وقال: إن فيه فائدة أخرى وهي: أن معرفة حملة العرش بالله تعالى من طريق النظر والاستدلال، كسائر الخلق لا بالرؤية، وهذه نزعته إلى مذهب المعتزلة في استحالة رؤية الله.{وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} أصل الكلام وسعت رحمتك وعلمك كل شيء فالسعة في المعنى مسندة إلى الرحمة والعلم، وإنما أسندتا إلى الله تعالى في اللفظ لقصد المبالغة في وصف الله تعالى بهما كأن ذاته رحمة وعلم واسعان كل شيء.{وَقِهِمُ السيئات} يحتمل أن يكون المعنى قهم السيئات نفسها، بحيث لا يفعلونها، أو يكون المعنى: قِهِمْ جزاء السيئات، فلا تؤاخذهم بها.{إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ الله أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} المقت البغض الذي يوجبه ذنب أو عيب، وهذه الحال تكون للكفار عند دخولهم النار؛ فإنهم إذا دخلوها مقتوا أنفسهم، أي مقت بعضهم بعضًا، ويحتمل أن يمقت كل واحد منهم نفسه فتناديهم الملائكة وتقول لهم: مقت الله لكم في الدنيا على كفركم أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم. فقوله: لمقت الله مصدر مضاف إلى الفاعل، وحذف المفعول لدلالة مفعول مقتكم عليه وقوله: {إِذْ تُدْعَوْنَ} ظرف العامل فيه {مَقْتُ الله} عامًا من طريق المعنى، ويمتنع أن يعمل فيه من طريق قوانين النحو، لأن مقت الله مصدر فلا يجوز أن يفصل بينه وبين بعض صلته، فيحتاج أن يقدر اللظرف عامل، وعلى هذا جاز بعضهم الوقف على قوله: {أَنفُسَكُمْ} والابتداء بالظرف وهذا ضعيف، لأن المراعى المعنى. وقد جعل الزمخشري {مَقْتُ الله} عامًا في الظرف ولم يعتبر الفصل.{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين} هذه الآية كقوله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة: 28] فالموتة الأولى عبارة عن كونهم عدمًا، أو كونهم في الأصلاب، أو في الأرحام، والمؤتة الثانية الموت المعروف، والحياة الأولى حياة الدنيا، والحياة الثانية حياة البعث في القيامة. وقيل: الحياة الأولى حياة الدنيا، والثانية: الحياة في القبر، والموتة الأولى الموت المعروف، والموتة الثانية بعد حياة القبر، وهذا قول فاسد لأنه لابد من الحياة للبعث فتجيء الحياة ثلاثة مرات.فإن قيل: كيف اتصال قولهم أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين بما قبله؟ فالجواب: أنهم كانوا في الدنيا يكفرون بالبعث، فلما دخلوا النار مقتوا أنفسهم على ذلك، فأقروا به حينئذ ليرضوا الله بإقرارهم، حينئذ فقولهم: {أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين} إقرار بالبعث على أكمل الوجوه، طمعًا منه أن يخرجوا عن المقت الذي مقتهم الله؛ إذ كانوا يدعون إلى الإسلام فيكفرون {فاعترفنا بِذُنُوبِنَا} الفاء هنا رابطة معناها التسبب، فإن قيل: كيف يكون قولهم: {أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين} سببًا لاعترافهم بالذنوب؟ فالجواب أنهم كانوا كافرين بالبعث، فلمّا رأوا الإماتة والإحياء قد تكرر عليهم، علموا أن الله قادر على البعث فاعترفوا بذنوبهم، وهي إنكار البعث، وما أوجب لهم إنكاره من المعاصي، فإن من لم يؤمن بالآخرة لا يبالي بالوقوع في المعاصي.{ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} الباء سببية للتعليل، والإشارة بذلكم يحتمل أن تكون للعذاب الذي هم فيه، أو إلى مقت ألله لهم أو مقتهم لأنفسهم، والأحسن أن تكون إشارة إلى ما يقتضيه سياق الكلام وذلك أنهم لما قالوا: {فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} كأنهم قيل لهم: لا سبيل إلى الخروج، فالإشارة بقوله: {ذَلِكُم} إلى عدم خروجهم من النار.{يُرِيكُمْ آيَاتِهِ} يعني: العلامات الدالة عليه من مخلوقاته ومعجزات رسله {وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السماء رِزْقًا} يعني المطر.{رَفِيعُ الدرجات} يحتمل أن يكون المعنى مرتفع الدرجات، فيكون بمعنى العالي أو رافع درجات عباده في الجنة وفي الدنيا {يُلْقِي الروح} يعني الوحي {مِنْ أَمْرِهِ} يحتمل أن يريد الأمر الذي هو واحد الأمور، أو الأمر بالخبر، فعلى الأول تكون من للتبعيض أو لإبتداء الغاية، وعلى الثاني تكون لابتداء الغاية أو بمعنى الباء {يَوْمَ التلاق} يعني يوم القيامة، وسمي بذلك لأن الخلائق يلتقون فيه، وقيل: لأنه يلتقي فيه أهل السموات والأرض وقيل: لأنه يلتقي الخلق مع ربهم، والفاعل في ينذر ضمير يعود على من يشاء أو على الروح أو على الله.{لِّمَنِ الملك اليوم} هذا من كلام الله تعالى تقريرًا للخلق يوم القيامة؛ فيجيبونه ويقولون: {لِلَّهِ الواحد القهار} وقيل: بل هو الذي يجيب نفسه؛ لأنه الخلق يسكتون هيبة له، وقيل: إن القائل {لِّمَنِ الملك اليوم} ملك.{يَوْمَ الأزفة} يعني القيامة ومعناه القريبة {إِذِ القلوب لَدَى الحناجر} معناه أن القلوب قد صعدت من الصدور، لشدّة الخوف حتى بلغت الحناجر، فيحتمل أن يكون ذلك حقيقة أو مجاز عبرّ به عن شدّة الخوف. والخناجر جمع حنجرة وهي الحلق {كَاظِمِينَ} أي محزونين حزنًا شديدًا كقوله: {فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] وقيل: معناه يكظمونت حزنهم أي يطمعون أن يخفوه، والحال تغلبهم، وانتصابه على الحال من أصحاب القلوب، لأن معناه قلوب الناس، أو من المفعول في أنذرهم أو من القلوب. وجمعها جمع المذكر لمّا وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ} أي صديق مشفق {وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} يحتمل أن يكون نفي الشفاعة وطاعة الشفيع أو نفي طاعة خاصة. كقولك: ما جاءني رجل صالح فنفيت الصلاح، وإن كان قد جاءك رجل غير صالح، والأول أحسن لأن الكفار ليس لهم من يشفع فيهم.{يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين} أي استراق النظر، والخائنة مصدر بمعنى الخيانة، أو وصف للنظرة وهذا الكلام متصل بما تقدم من ذكر الله، واعترض في أثناء ذلك بوصف القيامة لما استطرد إليه من قوله: {لِيُنذِرَ يَوْمَ التلاق} [غافر: 15]. اهـ..قال النسفي: {حم} وما بعده بالإمالة: حمزة وعلي وخلف ويحيى وحماد، وبني الفتح والكسر: مدني، وغيرهم بالتفخيم، وعن ابن عباس أنه اسم الله الأعظم {تَنزِيلُ الكتاب} أي هذا تنزيل الكتاب {مِنَ الله العزيز} أي المنيع بسلطانه عن أن يتقول عليه متقول {العليم} بمن صدق به وكذب، فهو تهديد للمشركين وبشارة للمؤمنين {غَافِرِ الذنب} ساتر ذنب المؤمنين {وَقَابِلِ التوب} قابل توبة الراجعين {شَدِيدِ العقاب} على المخالفين {ذِى الطول} ذي الفضل على العارفين أو ذي الغنى عن الكل، وعن ابن عباس: غافر الذنب وقابل التوب لمن قال لا إله إلا الله، شديد العقاب لمن لا يقول لا إله إلا الله.والتوب والثوب والأوب أخوات في معنى الرجوع، والطول الغنى والفضل، فإن قلت: كيف اختلفت هذه الصفات تعريفًا وتنكيرًا والموصوف معرفة؟ قلت: أما غافر الذنب وقابل التوب فمعرفتان لأنه لم يرد بهما حدوث الفعلين حتى يكونا في تقدير الانفصال فتكون إضافتهما غير حقيقية.
|